تُعتبر سباقات الفورمولا 1 Formula قمة سباقات السيارات بكافة أنوعها سواء تلك التي تقام على الحلبات أو خارج الطرق. وتوفر كافة الشركات التي تصنع سيارات قمة التكنولوجيا والابتكارات التي لديها لتلك السيارات.
حيث تخضع تلك التكنولوجيا والابتكارات لأقسى وأشد ظروف القيادة مع سرعات قد تصل إلى 370 كم/سا. ومعدلات سرعة على الحلبة قد تصل إلى 245 كم/سا ناهيك عن القيام بالتسارعات الخارقة وعمليات الكبح (الفرملة) الشديدة القسوة.
كما يقوم السائقون باستخدام علبة التروس بعدد مرات قد يصل إلى 55 مرة في كل لفة. الأمر الذي يعني أكثر 3000 عملية تغيير للنسب خلال كل سباق ما عدا التجارب الحرة والتأهيلية. حيث تؤكد كل تلك الحقائق مدى الضغط الذي تتعرض له سيارة الفورمولا.1 وبالتالي مدى موثوقية التكنولوجيا والابتكارات التي تتوفر لها. حيث يُعتبر نجاح تلك الابتكارات وتجاوزها لتلك الظروف القاسية هو لطريق الممهد لها للدخول إلى سيارات الإنتاج العادي.
تاريخ تكنولوجيا الفورمولا 1
أبصرت سباقات الفورمولا 1 النور بين العامين 1920 و1930. ولكن رياضة الفورمولا 1 الرسمية أُطلِقًت في العام 1946. وذلك 1946 عندما قرر الاتحاد الدولي للسيارات Federation Internationale del’ Automobile FIA اعتماد هذه الرياضة. وأطلق عليها اسم: الفئة الأولى أو فورمولا 1. أما أول بطولة للعالم فلقد قامت في العام 1950
ولقد أُريدَ للفورمولا 1 منذ إطلاقها أن تكون مسرحاً لأحدث الابتكارات والتكنولوجيات. والتي تتسبب في صنع سيارات خارقة وسريعة وذات قمة تحمل عالية دون أن تنتقص ذلك من عوامل الأمان فيها. وبحيث يتم الاستفادة من التكنولوجيا الناجحة في سيارات الفورمولا 1 لتطبيقها في سيارات الإنتاج العادي. بعد أن تكون قد خضعت لأقسى وأصعب ظروف التشغيل وتجاوزتها بنجاح.
أنظمة الدفع والمحركات
1. المحركات الهجينة
اعتمدت الفيا FIA المحركات الهجينة اعتباراً من العام 2009 . حيث تم تقييد سعة محركات البنزين بـ 2.4 لتر مع اعتماد ستة أسطوانات بشكل. V ومحرك كهربائي داعم وبحيث يصل إجمالي القوة إلى حوالي 1000 حصان بين المحركين. ولكن مع دخول العام 2014 تم الإبقاء على عدد الأسطوانات. ولكن تم فرض سعة جديدة للمحرك لا تتجاوز 1.6 لتر مع محرك هجين شديد التطور وبحيث لا يتجاوز إجمالي قوة المحركين 850 حصان.
ونعود إلى المحركات الهجينة الحديثة والتي تعتمد تقنيات ثورية. مثل استعادة طاقة الكبح Energy Recovery System ERS وتعتمد هذه التقنية على وحدتي عمل أساستين. وهما وحدة توليد القوة المتولدة عن الحرارة MGU-H. ووحدة توليد القوة الناجمة عن القوة الحركية MGU-K حيث تتلخص مهمة هاتين الوحدتن بتحويل كل. من الطاقة الحرارية والطاقة الحركية الناجمتين عن عملية الكبح إلى كهرباء تغذي المحرك الهجين الذي يدعم محرك البنزين.
الإنسيابية ودينامكيا الهواء
1. التصميم الإيروديناميكي
يُعتبر التصميم الأيرودينامكي للسيارة الخطوة الأولى في تحقيق اختراق سلس للهواء. الأمر الذي يعني سرعة أعلى وثباتاً أفضل. وتزيد أهمية هذا الأمر بشكل كبير مع سيارات الفورمولا 1 بسبب السرعات العالية جداً التي تصل إليها. فضلاً عن تعاملها مع المنعطفات بسرعات عالية أيضاً.
وليس منا أحد لم يسمع بعبقري تصميم سيارات الفورمولا 1 البريطاني أدريان نيوي. والذي ترك فريق رِد بُل مؤخراً حيث تشير الشائعات إلى مفاوضا حامية بينه وبين عدة فرق أخرى مثل فيراري وأستون مارتن.
2. الأجنحة والمشتتات الهوائية
يتم تصميم الأجنحة الأمامية والخلفية بالإضافة إلى مشتتات الهواء بقدر عالٍ جداً من العناية والدقة. وبحيث تعزز من ثبات السيارة وخاصة في السرعات العالية وعند تجاوز المنعطفات. وتستخدم بعض شركات السيارات اليوم تلك الأجنحة والمشتتات في سياراتها الرياضية الخارقة مثل مرسيدس أيه إم جي وَن وأستون مارتن فالكيري. وآخر ابتكارات رِد بُل وهي آر بي 17 هايبر كار والتي كانت آخر تصميم لـ أدريان نيوي قبل مغادرته الشركة.
2. شاحن الهواء المتفوق (توربو Turbo)
منذ بدأت الحكومات والدول بتشديد قوانين الانبعاثات والتركيز على الاستدامة. استجابت الفيا FIA لتلك القوانين وفرضت على شركات الفورمولا 1 استخدم تقنيات جديدة تعزز من قوة المحركات وتخفض من الانبعاثات.
وتتلخص مهمة شاحن الهواء (توربو) بضغط الهواء الداخل إلى المحرك قبل مزجه مع الوقود. الأمر الذي يُكسبه طاقة كامنة تمكنه من تحقيق انفجار أقوى داخل أسطوانات المحرك. وهذا ما يؤدي إلى زيادة قوة المحرك. ولذلك استخدمت الشركات هذه التقنية لاستخراج قوة وعزم أكبر من محركات بسعات أصغر وهذا يعني انبعاثات أقل.
مواد التصنيع
1. ألياف الكربون
رغم ارتفاع تكلفتها بشكل كبير، إلا أن تلك التكلفة لم ولن تقف في جوده تطوير سيارة الفورمولا 1 واعتماد أفضل المواد الداخلة في صنعها. حيث تستخدم كافة شركات سيارات الفورمولا1 وبدون استثناء ألياف الكربون في صنع معظم هياكل سياراتها. وذلك نظراً لما تتميز به تلك الألياف من قوة عالية وخفة للوزن.
كما وجدت ألياف الكربون طريقها أيضاً للكثير من السيارات الرياضية الخارقة ذات الإنتاج المحدود. وبعض السيارات الرياضية ذات الإنتاج التجاري أيضاً.
2. المواد المركبة
وتستعيض بعض شركات السيارات عن ألياف الكربون بالمواد المركبة الأخرى. مثل البوليميرات المعززة بالألياف وذلك لغايات تخفيض التكاليف وتحقيق خفض الوزن أيضاً. ناهيك عن سعر السعر النهائي للسيارة والذي سيوسع شريحة الزبائن القادرين على شرائها.
أنظمة التحكم وتكنولوجيا السلامة
1. أنظمة التعليق النشط
وجدت أنظمة التعليق النشط طريقها إلى السيارات الرياضية الغالية وحتى متوسطة السعر. وذلك بعد أن حققت نجاحاً باهراً في سيارات الفورمولا 1 وأدت إلى نتائج باهرة على صعيد تمايل الهياكل وثباتها. وكذلك استجابتها للسرعات العالية في المنعطفات فضلاً عن تأمينها استجابة أفضل لتحركات السائق وتفاعل السيارة مع الطريق.
2. تكنولوجيا السلامة
تستخدم سيارات الفورمولا 1 هياكل ذات صلابة عالية تضمن عدم تعرض مقصورة القيادة التي تحتضن السائق لأي ضررمهما كان طفيفاً. حتى ولو اضطر الأمر إلى انفصال الهيكل إلى قطعتين فإن سلامة السائق هي الأولى. ولعل الكثير منا يتذكر الحادث الأليم الذي تعرض له رومان كروجان في البحرين وهو يسير بسرعة 192 كم/سا. حيث انقسم هيكل السيارة إلى جزئين واحترقت بالكامل بينما تمكن السائق من الخروج منها مع بعض الحروق الطفيفة في يديه.
ولا ننسى أيضاً الـ هيلو Halo والتي تتحلى بصلابة عالية جداً. والتي تضمن حماية رأس ورقبة السائق في حال انقلاب السيارة.
ولقد وجدت الكثير من تلك التقنيات طريقها إلى سيارات رياضية خارقة. ومنها ما وصل إلى سيارات رياضية ضمن الإنتاج التجاري. حتى إن بعض التقنيات وجدت طريقها إلى سيارات عادية مثل شاحن الهواء. وكل ذلك يؤكد أن سيارات الفورمولا 1 هي المختبر الأساسي لتطوير تكنولوجيا السيارت بشكل عام فضلاً عن المتعة الرائعة التي تتأتى من مشاهدة ذلك السابق وسماع هدير المحركات
وختاماً، فإن كمية التكنولوجيا والابتكارات التي تتوفر في سيارات الفورمولا 1 تكاد لا تُعد ولا تُحصى. وكلها تهدف إلى تأمين قوة خارقة للمحركات وضمن ضوابط الاستدامة وحماية البيئة. وتحقق أيضاً استهلاكاً منخفضاً للوقود بفضل تقنيتها الهجينة. وكذلك انسيابية خارقة للسيارة تمكنها من اختراق الهواء بسلاسة وأنظم تعليق نشطة ومتطورة. والتي تضمن ثبات السيارة في المنعطفات وعلى السرعات العالية، مواد خفيفة وشديدة المتانة في صناعة الهياكل