كيف تأثرت صناعة السيارات بالذكاء الاصطناعي AI، وهل كن تأثرها إيجابياً أم سلبياً، وإلى أي حد وصل تأثيرها.
تعتبر تقنية الذكاء الاصطناعي تقنية ثورية دخلت في العديد من الصناعات ومنها صناعة السيارات أيضاً. إذ تتمكن هذه التكنولوجيا من إنجاز الأعمال بسرعات عالية تفوق ما يقوم به الإنسان. الأمر الذي جعل السيارات مع هذه التقنية تصبح أكثر أماناً وفاعلية فضلاً عن الذكاء الذي باتت تتمع به من ناحية إمكانيتها اتخاذ قرار لوحدها.
سوف نتناول اليوم التقنيات التي تم إدخالها إلى السيارات بفضل الذكاء الاصطناعي والمستقبل المنتظر من الذكاء الاصطناعي في صناعة السيارات.
أولاً: القيادة الذاتية
بدأت هذه التقنية بالدخول إلى عالم صناعة السيارات بشكل متفاوت بين الشركات. فبينما لا تزال الكثير من الشركات في طور التطوير البدائي لهذه التقنية، قطعت الشركات الأخرى أشواطاً كبيرة فيها مثل تسلا الأمريكية. وتعتمد القيادة الذاتية بشكل أساسي على الذكاء الاصطناعي الذي يقوم بمعاجة البيانات الواردة من الكاميرات والحساسات المثبتة في أطراف السيارة بسرعة فائقة. ومن ثم يقوم بتحليل تلك البيانات للوصول إلى القرار الصحيح الذي يضمن عدم حدوث اصطدام.
وللتعرف بشكل أكثر تفصيلاً على القيادة الذاتية، لا بد من معرفة مستوياتها من حيث التطبيق والتي سوف نوردها أدناه:
المستوى 0
وهو المتوفر للسيارات العادية حيث لا يوجد أي تدخل للسيارة في القيادة ويكون الاعتماد كلياً على السائق.
المستوى 1
يبدأ هنا الذكاء الاصطناعي بالتدخل بشكل محدود جداً ويقتصر عمله على تزويد السيارة بنظام تثبيت السرعة المتأقلم (التكيفي).
المستوى 2
ويتوفر للسيارة مع هذا المستوى أتمتة جزئية والتي من شأنها التحكم في السيارة في المسارات المحددة على الطريق حيث يضمن الذكاء الاصطناعي محافظة السيارة على مسارها.
المستوى 3
ويعتبر هذا المستوى متقدم فعلاً، حيث يمكن للسيارة قيادة نفسها بنفسها وبدون تدخل السائق بسنبة 80% من ظروف القيادة.
المستوى 4
في هذا المستوى فقط يمكن الاستغناء عن السائق نهائياً لأن السيارة تقود نفسها بنفسها بالنسبة 100%.
ثانياً: أنظمة السلامة المتقدمة
رأى الكثيرون منا وشاهدوا أنظمة سلامة متقدمة ومركبة في العديد من السيارات الحديثة والتي تتلخص في نظام الفرملة (الكبح) التلقائي. وكذلك نظام المحافظة على المسار، ونظام الكشف عن وجود مشاة في الشارع. وكل تلك الأنظمة ما هي إلا تقنيات تعتمد على الذكاء الاصطناعي والذي يتمكن من سرعة قراءة البيانات ومعالجتها. وذلك ليتخذ قراراً سريعاً يُفضي إلى سلامة سائق السيارة ومستخدمي الطريق.
ثالثاً: تحسين تجربة القيادة
ومع تلك الأنظمة الأنظمة المتعددة التي باتت توفر للسيارة بفضل تقنية الذكاء الاصطناعي. فإن تجربة القيادة للسائق تحسنت بشكل كبير وبات اعتماده على تلك الأنظمة يزيد من عوامل الراحة لديه فضلاً عن زيادة عوامل السلامة أيضاً. وبالتالي يمكن تلخيص ميزات الذكاء الاصطناعي بالنقاط التالية
1. يعتبر مساعداً شخصياً للسائق
أصبح بإمكان السائق الاعتماد على تشغيل الكثير من وظائف السيارة بالاعتماد على الأوامر الصوتية دون الحاجة إلى التدخل بيديه. بالإضافة إلى تشغيل تلك الوظائف (مكيف، نظام صوتي، مكالمات هاتفية). وبالتالي فلقد أصبح يتمتع بالمزيد من الرتحة والرفاهية فضلاً عن تركيزه على الطريق.
2. حفظ وضعيات القيادة
كانت الشركات سابقاً تعنمد على نظام الذواكر لحفظ وضعية القيادة لكل سائق من مستخدمي السيارة. أما الآن ومع تقنيات الذكاء الاصطناعي فلقد باتت السيارة بنفسها تتعرف على تفضيلات القيادة لكل سائق. وذلك بدءً من وضعية المقاعد والمرايا وصولاً إلى تفضيلات التكييف والنظام الصوتي وبقية التجهيزات التي يستخدمها السائق. وبحيث تصبح كلها معايرة حسب رغبته بمجرد دخوله إلى السيارة وتعرفها على صوته.
رابعاً: تحسين استهلاك الوقود
كما أن تدخل الذكاء الاصطناعي في بعض أنظمة السيارة ساهم بتخفيض استهلاك الوقود. حيث أنه بات يتعرف على أنماط القيادة ويقوم بتحليلها للوصول بسرعة فاقة إلى ضبط أمثل لوظائف السيارة كنسب علبة التروس (القير المناسب) على سبيل المثال.
ومن العوامل الأنظمة التي ساهمت بشل فعال في تخفيض استهلاك نذكر النظامين التاليين:
1. نظام إدارة الطاقة
ويتوفر هذا النظام للسيارات الهجينة (المزودة بمحرك بنزين مع محرك كهربائي). وبحيث يساهم وبشكل فعال في إدارة الطاقة بين المحركين وبحيث يضمن عدم انطلاق محرك الوقود وبدئه بالعمل. وذلك طالما أن وضعية القيادة هائدة ولا تحتاج إلى تسارع أو تجاوز سريع وهذا يُنتج استهلاكاً أخفض للوقود.
2. نظام الملاحة الذكي
وتتمكن السيارة مع هذا النظام من اختيار الطريق الأقل إزدحاماً والأسرع بالوصول إلى المكان المطلوب الأمر الذي يساهم أيضاً وبشكل فعال في توفير الوقود.
خامساً: الصيانة التنبؤية
مع دخول الذكاء الاصطناعي إلى عالم السيارات، أصبح اليوم بإمكان بعض السيارات توقع (تنبؤ) الأعطال القادمة. وذلك عبر تقييم أداء القطع الميكانيكية والالكترونية الموجودة في السيارة، إذا أن تراجع أداء تلك القطع يُعطي مؤشراً على قُرب تعطلها. وبالتالي يقوم بإعلام السائق بذلك ليبادر الأخير إلى تلافي المشكلة قبل تفاقهما واضطراره إلى تكبد مصاريف أكبر.
سادساً: الإنتاج المؤتمت والذكي
طالما أن الذكاء الاصطناعي وصل إلى الأنظمة التي تعمل بها السيارة، فلا أنه قد وصل إلى مصانع السيارات قبل ذلك. لا بد أن الكثير منا أصبحوا يعلمون كيف تعمل مصانع السيارات باستخدام الروبوتات المتطورة جداً والتي تقوم في بعض المراحل بتأدية ما نسبته 80% من عمل الإنسان وتصل هذه النسبة إلى 100% في بعض مراحل التصنيع.
كما أن استخدام الروبوتات في عملية التصنيع يُتيح الفرصة لتحليل البيانات التي يتم جمعها أثناء تصنيع السيارات التي على نفس خط الإنتاج. أو في نفس المعمل ليصل إلى نتيجة يمكنه معها تحديد المشاكل التي قد تحصل في وقت مبكر.
سابعاً: رضا العملاء
باعتبار أن الذكاء الاصطناعي يتميز بسرعة ودقة معالجته للبيانات. فلقد تم التوصل إلى ابتكار خدمات جديدة ناجمة عن توصيات العملاء وملاحظاتهم وتجربتهم. وسوف نتطرق لتلك الخدمات بالتفصيل
1. المبيعات الذكية
أصبح بإمكان شركات السيارات اليوم تحليل البيانات الواردة من العملاء وردود أفعالهم وآرائهم بسرعات فائقة. ويتم ذلك باستخدام الذكاء الاصطناعي. وكنتيجة لذلك فإن الحلول والمقترحات الناجمة عن ذلك ستزيد من نسبة رضا العملاء كونهم باتوا يحصلون على تعديلات توافق متطلباتهم.
2. الخدمة التلقائية للعملاء
وصل الذكاء الاصطناعي أيضاً إلى تحقيق الخدمة التلقائية للعملاء وذلك باستخدام روبوتات الدردشة chatbot والتي .أصبح بإمكانها الرد على العملاء وتزويدهم بالإجابات اللازمة على مدار الساعة وطيلة أيام الأسبوع.
وختاماً، فلقد بات من الواضح أن تقنية الذكاء الاصطناعي غزت صناعة السيارات من بداية مراحلها في المعامل. مروراً بالتجهيزات المتوفرة للسيارة بكثرة، وصولاً إلى استقراء أراء الزبائن وتحليلها للتوصل إلى منتجات وخدمات تناسب متطلباتهم. ووصولاً إلى روبوتات الدردشة التي تجيب على كافة الأسئلة وتضمن تواصلاً تاماً مع العملاء على مدار الساعة.
وهذا ليس كل شيء، فمن المتوقع أن يحقق الذكاء الاصطناعي المزيد من الاختراقات في مجال صناعة السيارات واستخدام السيارة وسوف يُخبرنا المستقبل القريب بذلك